لو سألتنى: ما هى آفة الدراما التليفزيونية فى كلمة؟ سأقول لك إنه حرف الجر (فى)، عندما يأتى بعد اسم النجم سابقا اسم المسلسل وكأنه بمفرده يكفى وزيادة، وهكذا يصبح النجم هو المسلسل، والمسلسل هو النجم، لتبدأ بعد قراءة اسم المسلسل معركة أشد ضراوة بين النجوم المشاركين فى العمل الفنى، ومن يسبق الآخر.
كم مرة قرأت اسم عبدالفتاح القصرى وزينات صدقى وعبدالسلام النابلسى ومحمود المليجى وزكى رستم وعادل أدهم وتوفيق الدقن فى بداية (التترات)؟ مؤكد ولا مرة، إلا أنك بعد نهاية العرض لا يتبقى فى الذاكرة سوى هؤلاء.
أحدث معركة تابعناها فى مسلسل (نسر الصعيد) تصدر محمد رمضان المشهد كعادته وجاء بعد اسمه (فى) ليحتدم بعدها الصراع بين وفاء عامر ودرة، والحل كتابة التتر مرتين الأولى دُرة تسبق وفاء وفى الثانية العكس، وكأن المشاهد يعنيه أساساً تلك التفاصيل.
هناك حلول أخرى أشد ضراوة على طريقة (إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر) بيت شعر لأبى فراس الحمدانى فى رائعته (أراك عصى الدمع) التى غنتها أم كلثوم، تذكرت هذه الشطرة، وأنا أتابع العام الماضى معركة هالة صدقى مع غادة عادل حول (تترات) مسلسل (عفاريت عدلى علام) فهى ترى أن من حقها أن تسبق- بحكم التاريخ الذى يستند إلى وحدة الزمن - اسم غادة، بينما غادة ترى أنها وعلى أرض الواقع الفنى وطبقا لقانون الجغرافيا الذى يستند إلى وحدة المكان، أصبحت غادة تسبق هالة فى المكانة التى حققتها على الخريطة الفنية فى السنوات العشر الأخيرة، لم يستطع منتج المسلسل إيجاد حل يحسم الصراع، فقرر إلغاء (تتر) البداية الذى صار فقط يشير إلى عادل إمام، وأضاعت على عشرات من المشاركين فى العمل حقهم الأدبى فى قراءة أسمائهم، لم تتحقق رغبة هالة فى أن تسبق غادة، إلا أنها حرمت أيضا غادة من أن تسبقها، وهكذا (لم ينزل القطر).
معركة مماثلة فى العام الماضى وإن كانت أقل صخبا نشبت بين منة شلبى وخالد النبوى، فى (تترات) مسلسل (واحة الغروب)، كانت منة تتعامل مع الموقف باعتباره محسوما منذ البداية لصالحها فاعترض خالد، وكان الحل هو حذف أسماء البطلين فى النسخة التى عرضت على تليفزيون (إم بى سى)، بينما تليفزيون (دبى) وضع اسم منة سابقاً لخالد.
(كل هؤلاء النجوم يلتقون مع) هذه واحدة من الحلول، وكانت أول من لجأت إليه هى نبيلة عبيد حتى لا تسبقها فيفى عبده التى أصرت على أن يأتى اسمها أولا فى مسلسل (كيد النسا) وعز على نبيلة أن تضحى بتاريخها وتقبل، كما أنها لم تكن تملك ترف الاعتذار، لأن المعروض عليها بات قليلاً فوافقت أن يأتى اسمها فى نهاية التترات ومن بعدها صارت موضة، كل نجم له تاريخ ولا يستطيع بسبب قانون التسويق الحالى أن يتصدر الواجهة فإنه يتذيلها!!
لمحمود المليجى مقولة رائعة وهى أنه «يفضل أن يظل جندياً فى الميدان على أن يصبح جنرالاً متقاعداً» وهكذا استمر حتى رحيله يبدع فناً داخل البلاتوهات.
ومن الجيل الحالى أعجبنى مثلاً «شريف منير» سألوه قبل ست سنوات من يسبق فى تترات فيلم «أولاد العم» الذى كان يشارك فيه «كريم عبدالعزيز» و«منى زكى».. أجاب «شريف» قائلاً «كريم» يسبقنى هو بطل جماهيرى وهو ما كرره فى العام الماضى مع (الزيبق).
البعض يطلب حذف اسمه تماما، فعلتها لوسى العام قبل الماضى فى مسلسل (الكيف) وسبق أيضا لفردوس عبدالحميد فى مسلسل (زيزينيا) قبل نحو 20 عاما، عندما أصر الإنتاج أن يأتى اسم آثار الحكيم سابقا لها فقالت احذفوا اسمى من (التترات).
الجمهور بعد نهاية عرض الفيلم أو المسلسل يعيد مجددا كتابة الأسماء، وهذا هو الأبقى والأنقى والأروع للفنان ولكن (تقول لمين؟).
Enregistrer un commentaire